الاثنين، 30 يونيو 2014

ما مضى فات ..



تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره ، والحزن لمآسيه حمق وجنون ، 
وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. إن ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى ، 
يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان ، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا ،
 ويوصد عليه فلا يرى النور ، لأنه مضى وانتهى ، لا الحزن يعيده ، 
لا الهم يصلحه ، لا الغم يصححه 
لا الكدر يحييه ، لأنه عدم ...
لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت ، أنقذ نفسك من شبح الماضي ،
 أتريد أن ترد النهر إلى مصبه ، والشمس إلى مطلعها ، والطفل إلى بطن أمه 
واللبن إلى الثدي ، والدمعة إلى العين !!
إن تفاعلك مع الماضي ، وقلقك منه واحتراقك بناره ، 
وانطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع...
القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر ، وتمزيق للجهد ، ونسف للساعة الراهنة ،
 ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال : { تلك امة قد خلت } انتهى الأمر وقضي ،
 ولا طائل من تشريح جثة الزمان ، وإعادة عجلة التاريخ ..
إن الذي يعود للماضي ، كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا ، 
وكالذي ينشر نشارة الخشب. 
وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي : لا تخرج الأموات من قبورهم ، 
وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار لم لا تجتر؟ قال : أكره الكذب.!
إن بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا ،
 نهمل قصورنا الجميلة ، ونندب الأطلال البالية ،
 ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوا لأن هذا هو المحال بعينه...
إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف ، 
لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام والقافلة تسير إلى الأمام ، 
فلا تخالف سنة الحياة.
***