الاثنين، 17 فبراير 2014

مثل الطبيعة لا شيب ولا هرم / أبو القاسم الشابي

يا قلبُ كم قد تملَّيتَ الحياة َ، وكمْ

رقَّيتَها مَرَحاً، ما مَسَّك السَأمُ

وكمْ توشَّحتَ من ليلٍ، ومن شَفَقٍ

ومن صباحٍ تُوَشِّي ذَيْلَهُ السُّدُمُ

وكم نسجْتَ من الأحلام أردية ً

قد مزَّقّتْها الليالي، وهيَ تَبْتَسِمُ

وكم ضَفَرتَ أكاليلاً مُوَرَّدة ً

طارتْ بها زَعْزَعٌ تدوي وتَحْتَدِمُ

وَكَمْ رسمتَ رسوماً، لا تُشابِهُهَا

هذي العَوَالمُ، والأحلامُ، والنُّظُمُ

كأنها ظُلَلُ الفِردَوْسِ، حافِلة ً

بالحورِ، ثم تلاشَتْ، واختفى الحُلُمُ

تبلُو الحياة َ فتبلِيها وتخلَعُها

وتستجدُّ حياة ً، ما لها قِدمُ

وأنت أنتَ: شبابٌ خالدٌ، نضِرٌ

مِثلُ الطَّبيعة ِ: لا شَيْبٌ ولا هرَمُ

***