أيها
القمر:
الآن وقد
أظلم الليل وبدأت النجوم تنضخ وجه الطبيعة
التي أعيت من طول ما انبعثت في النهار
برشاش من النور الندي يتحدر قطرات دقيقة
منتشرة
كأنها أنفاس
تتثائب بها الأمواج المستيقظة في بحر النسيان
التي تجري به السفن الكبيرة من قلوب عشاق مهجورين برّحت بهم الآلام
والزوارق
الصغيرة من قلوب أطفال
مساكين تنتزعها منهم الأحلام
تلك تحمل إلى الغيب تعباً وترحاً ، وهذه لعباً وفرحاً.
والغيب كسجل أسماء الموتى تختلف فيه
الألقاب
وتتباين الأحساب
والأنساب
وتتنافر معاني الشيب من معاني الشباب
وهو يعجب من الذين يسمونه بغير اسمه
ولا يعلمون أنه كتاب في تاريخ عصر من
عصور التراب.
والآن وقد بدأت الطبيعة تتنهد كأنها تُنفس بعض أكدارها
والآن وقد بدأت الطبيعة تتنهد كأنها تُنفس بعض أكدارها
أو هي تُملي في الكتاب الأسود أخبار نهارها
وبدأ قلبي يتنفس معها كأنه ليس منها
قطعة صغرى .
بل طبيعة أخرى ..
بل طبيعة أخرى ..
.ذلك أيها
القمر
، وإني لأَحس
كذلك أن قلبي يطرح على ساحل أشعتك
بقايا ما فيه من الآمال المتحطمة التي طال مثواها في لُجَج الهم
كبقايا الغرقى في
أعماق اليم
وليت شعري ما عسى أن تُجدي
هذه البقايا؟
إنها أثرٌ من رجاءِ ماضٍ في زمنٍ وقع وانقطع
أو كلمةٌ طيبةٌ قد مات أهلها
أو شعاعُ ابتسامةٍ
أخلدها الحب في قلبي
لأنها روحُ شبابي والأرواحُ خالدة
لأنها روحُ شبابي والأرواحُ خالدة
أو معنىً حزينٌ تعشقه الدموع فلا تزال تنازع إليه
أو قطعةٌ مُثَلَّمة من الذكرى تمرُّ
الأحزان من صدوعها
أو
آمالٌ في المستقبل البعيد
كأنها أحلامٌ يعِدُ بها النائم نفسه قبل أن ينام..
كأنها أحلامٌ يعِدُ بها النائم نفسه قبل أن ينام..
ويكسوها الهمُّ البليغُ ثوبَ الاستعارة
فيتخيلها ابتسامات من السعادة
فيتخيلها ابتسامات من السعادة
كما يرى المدمن في عناقيد الكرْم
سحابة من الخمر
أو
بقيةً من حياةٍ
معذّبة.
يقول فلاسفة البؤس
يقول فلاسفة البؤس
إن القدر أبقى عليها لأنها من حصة القضاء
ويقول حكماء الإيمان
إنها بقيةُ معلومةٍ لغايةٍ مجهولةٍ
متى انتهينا في طريق
العذاب إليها ( أي الغاية)
رأينا ثمَّة عناية الله
.....
حديث القمر : مصطفى صادق الرافعي
....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق